بيانــولا وايـرلس
بيـــــــانـــولا وايـرلس
تتساقط الثلوج بقلبه لتجمد الحب بشرايينه . تتشكل كريات الصقيع بأوردته فتعوق مجراها فترتجف أوصاله ترتعد لكنه ماعاد يلقي لها بالا . منذ أن هجر قلبه الدفئ وتيبس شعوره بالحياة بعد ان تخلي عنه الحب
هكذا كان حاله مع الشروق الذي كان بدوره كالقاتل الصامت لما تبقي له من نبض يساعده علي النهوض من فراشه
ماعاد يتسأل هل اليوم غدا أو حتي مازال أمس لم يستطع أبدا أن يتعلم الفرق بين الغد والأمس لأنه لايريد
هرب لحاسوبه وأختبئ فيه أفضي إليه بأسراره وخواطره بعد أن كفر بالناس والشوارع
متجولا داخل أروقته متخفيا لأنه يهاب الأخر ويخشي المجهول
وإذا بها تطل برأسها من أحدي الشرفات . تتلاقي الأعين علي إستحياء وإذا بكل منهما يتذكر أنه بالغابة فيحتمي من الآخر وراء أحراش الكذب ويتحادثا ولكنه الحرص المشوب بالخوف يغطي بكثافة كل المساحات الخضراء داخل عقل قلبيهما
يتبادلا حديثا خاطفا يطمئن كلاهما به الأخر ولايدري أيا منهما لماذا تنازلا عن حرصهما
كلمة تلو اخري وأذا بهما يجلسا وجها لوجه كلاهما يبدي أعجابه بالأخر دون أن يفصحا عن مكنون الخواطر
بها شيئ لم يختبره من قبل وان كان هو رجل كل ذي قبل فهو يعلم بيقين كيف الوصول لحواء ولكنه احس بها كل الاختلاف
فأراد أن يختبر بها الأخلاص وأن يجرب معها متعة الوفاء عن جوع . أن يربي حبا وسط ألغام الحواس
هي لاتدري كيف أهتدت أنوثتها إليه وهو الذي بنظرة يخلع عنها عقلها ويلبسها شفتيه ويأسرها بكلماته
كم كان يلزمها من الأيمان كي تقاوم نظراته . كم كان يلزمها من الصمت كي لاتشي بها الحرائق المستعرة طلبا للحب للأمان والحياة بعد موت وسبات بعالم الأحي
تلامست يداهما عبر قارات يفصلها الزمان والمساحات . نبع أحساسها الظامئ صب في قلبه الذي ودون أن يدري أتسع ليحتويها
سكن العقلان كهدنة جيوش تصارعت وأنهكتها الغارات والدفاعات
بينما بالأفق تتحرك تشكيلات من أقواس قزح صوب غلاف جو قلباهما الجديد وأذا بورود تزهر بعد أمطار تتساقط من سماء اللقي
تتشابك مصائرهما يوم بعد يوم وتدرك أنه رجلها الذي يرسم بشفتيه قدرها يكتبها ويمحوها بهالة منه تضئ دهاليز نفسها وعتمة الحواس فيها
وفي ساعة متأخرة من الشوق يداهمها حبه فتمتطي إليه جنونها وهي تعلم أن للرغبة صهيل داخلي لايعترضه منطق بينما خيول الشوق الوحشية تأخذها إلي عالمه البعيد
فيوقظ فيها بسكناته كل رغباتها المستترة ويشعل كل شيئ بداخلها ويمضي تاركا إياها فتجلس بالمقعد المواجة لغيابه هناك حيث جلس يوما ما مقابلا لدهشتها فتستعيد انبهارها الأول وكل مارأته من حلو همسه
وهو وكيف له أن ينسي كل مالم يفعله معها او لم يبح يوما به وكيف له ان يعرف ماذا يفعل بكل هذه الصباحات دونها وثم هدنه من الحب خرقها حبها
ومازال للذكري مقعد شاغر وأبواب ليست تماما مغلقة تترقب . وامرأة ريثما تأتي سيحبها كما لوأنها لن تأتي كي تجئ . كم يلزمه من الأكاذيب كي يواصل حياته قانعا إياها إنها لم تأتي وكم يلزمه من الوقت ليؤكد لعقله وقلبه انه أنتظرها حقا
خلق الأنسان اللغة ليخفي بها مشاعره ومازال كلما يتحدث إليها تكسوه كل مفردات اللغة ويعريه الصمت الطويل بين الجمل
بين مطار وطائرة جنح به حبه إليها فلم يصدق أنه إستدل علي النسيان بالذاكرة فتوقف عن سؤال نفسه عن أسباب هبوطه الإضطراري . دون النظر إلي إحداثياته لأنه أدرك ان لابد للحزن العابر لمحيطات امسياته أن يهبط علي ممر أخر
وعلي جسد خواطره أطفأ سيجارته الأخيرة بعد أن أشعل كل أعقاب أفكاره. كي ينصت معها لصخب الصمت بين عاشقين
ليخلق معها لغة جديدة علي قياساته . لغة بدون علامات إستفهام أو حتي علامات تعجب غالبا بعلامات إعجاب من خلال فلسفتهما بالتحاور . كانت فلسفته في الحياة حيث تحدث الأشياء بتسلسل قدري ثابت
أحتضنها بكل شوق دمه لنبض يسكن فيه . لانه يعرف أن ثمه بيوتا لا تستطيع أن تكتب فيها سطرا واحدا . مهما سكنتها ومهما كانت جميلة وهذا يبقي دائما دون تفسير منطقي . وكذلك الحب هدية تجدها دون أن يكون متوقعا العثورعليها .
أمطرته بكل هذه النظرات الجارفة فتناول تحرشاتها ليكتب أول سطوره معها . بعد أن أحتمي منها .. فيها .. بضمير ووجدان لياليهما الدافئة
وهو الذي لايحب من الصحو غير رائحة تلك التربة المبللة التي يخلفها الشتاء . فيستنشق رائحتها بحواس متوهجة . وكأنه يشتمها هي ذاتها بعد الحب وطقوسه علي أنغام قيثارة أوتارها من جدلات شعرها المنسدلة علي وجهه المحمل بكل نوبات السعادة والشبع بعد تلك الرقصة التي تمني أبدا ألا تنتهي وكأنه مسحور بتعويذات منها أختلطت بأنفاسهما المتسارعه
خط لهما بيدة علي ثنيات جسدها لقاءات جميلة وخيبات .. متع وأحزان
وها وقد طوي دفتره وكف قلمه . وبدأ يتحرك متثاقلا كغيره في مسرح الحياة الواسع الشاسع . بينما تعزف سيمفونيات الأيام موسيقاها بعد أن كان قد قرر أن يترك الكتابة وينسي نظم شعره ويجرب نفسه في رواية تجمع بين رجل من حبر وامرأة من ورق يلتقيان في تلك المنطقة الملتبسة بين الكتابة والحياة ليكتبا معا كتابا خارجا من الحياة وعليها في آن واحد . بعد أن اختارا سويا دار نشر الأقدار لتصدره لدنياهما أسمياه ….. البيـــــــانـــولا
وأغلق كلا منهما حاسوبه الذي أدخر فيه كل ماتبقي لهما من فيض الأحلام وصفو أمنيات تكاد أن تتحقق وأمل يحدوهما لغد جديد تصدر فيه طبعة حياتهما بنسختها الأولي والأخيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق